في زمن هارون الرشيد، كان هناك قاضٍ عادل يُدعى عافية بن يزيد. كان يتمتع بسمعة طيبة بين الناس، لكن بعضهم أرادوا التخلص منه بسبب إنصافه الشديد. فتجمع بعض هؤلاء الأفراد في مجلس الخليفة، يتظلمون من أحكامه ويصفونه بأنه متساهل في قضائه.
استدعى هارون الرشيد القاضي ليقف أمامه. وعندما حضر، بدأ الخليفة يسأله عن أسلوبه في القضاء وكيفية حكمه بين المتخاصمين. بينما كان عافية يجيب على الأسئلة، عطس هارون الرشيد.
فشَمَّتَه جميع الحاضرين في المجلس، باستثناء القاضي الذي ظل ساكتًا. نظر هارون إلى عافية وسأله: “لماذا لم تُشَمِّتني كما فعل الآخرون؟”
أجاب القاضي بثقة: “لأنك لم تحمد الله. فقد عَطَسَ رجلان أمام النبي ﷺ، فشَمَّتَ أحدهما ولم يُشَمِّت الآخر. وعندما تساءل الرجل الذي لم يُشَمَّت، قال النبي: ‘إن هذا حَمِدَ اللهَ، ولم تَحْمَدِ اللهَ.'”
تأثر هارون بكلمات القاضي، وأدرك أهمية العدل والتسامح. فقال له: “ارجع إلى عملك، واستمر في قضائك العادل. فمن لا يُسامح في عطسة، لن يُسامح في غيرها.”
انصرف القاضي عافية بن يزيد، وقد انتصر بكلماته. وعاقب هارون أولئك الذين حاولوا الإيقاع به، مُثبتًا أن العدل دائماً ينتصر.