قصة الغراب والشيخ الحكيم: دروس في السعادة والرضا
هل تشعر بعدم الرضا عن حياتك وتعتقد أن الآخرين أكثر سعادة منك؟ إذا كنت كذلك، فإن هذه القصة مليئة بالعبر والحكم قد تكون مفيدة لك.
في أحد الأيام، كان هناك غراب غير سعيد بحياته. كان يبكي فوق غصن شجرة، وتحتها جلس شيخ حكيم. عندما سمع الشيخ بكاء الغراب، رفع رأسه وسأله: “ما الأمر يا صديقي؟ لماذا تبكي؟” فأجابه الغراب بأنه يئس وتعب من حياته، فلا أحد يحبه، والجميع يتشاءمون منه ولا يعطونه شيئًا ليأكله. ظن الغراب أن الموت أفضل من هذه الحياة.
تأثر الشيخ الحكيم كثيرًا بكلام الغراب، وأشفق عليه. ثم قال له: “يا صديقي، يجب أن نتعلم أن نكون سعداء مهما كانت الأحوال.” ولكن الغراب لم يفهم هذا الكلام واستمر في البكاء. قال الشيخ: “لا تقلق، عندي قدرة على أن أحولك إلى أي طائر تريد. من فضلك، اذهب أولاً إلى الأوز واسأله إن كان سعيدًا حقًا.”
طار الغراب فرحًا باحثًا عن الأوز، حتى وجده يسبح في نهر قريب. اقترب منه قائلاً: “كم أنت جميل، لونك أبيض كالحليب، الكل يحبك. أنا متأكد أنك أسعد طائر في العالم.” أجاب الأوز بحزن: “لا يا صديقي، أنا لست سعيدًا. الأبيض ليس بلون جميل. أعتقد أن الببغاء هو أسعد طائر في العالم.”
طار الغراب بعيدًا يبحث عن الببغاء حتى وجده فوق شجرة. قال له: “ما أجملك يا ببغاء، أنت مليء بالألوان الجميلة. أنا متأكد أنك أسعد طائر في العالم.” أجاب الببغاء بحزن شديد: “لا يا صديقي، أنا لست سعيدًا. الناس يحتفظون بنا في أقفاص لتزيين المنازل، وأنا دائمًا خائف أن يصطادني شخص ما ويحبسني في قفص. أعتقد أن الطاووس هو أسعد الطيور.”
طار الغراب مرة أخرى يبحث عن الطاووس، وبعد بحث طويل وجده في حديقة الحيوانات. اقترب منه بعد أن غادر الناس وقال: “يا صديقي، أنت جميل جدًا، في كل يوم يأتي الكثير من الناس لرؤيتك. لا بد أنك أسعد طائر في هذا العالم.” أجاب الطاووس: “كنت أعتقد دائمًا أنني أجمل وأسعد طائر على وجه الأرض، ولكن بسبب جمال ريشي، الناس يقومون بنتفه وهذا يؤلمني. وكما ترى، أنا محبوس في هذه الحديقة، في الحقيقة أنا لست سعيدًا.”
تفاجأ الغراب كثيرًا بعد سماع هذا الكلام من الطاووس، وسأله: “إذا لم تكن سعيدًا، فمن هو أسعد الطيور؟” أجاب الطاووس: “لقد فحصت حديقة الحيوانات بعناية شديدة وأدركت أنك، أيها الغراب، هو الطائر الوحيد الذي لم يتم حبسه في قفص. الناس لا يحاولون الإمساك بك ووضعك في أقفاص مثل باقي الطيور. لذلك كنت أفكر خلال الأيام القليلة الماضية أنه لو كنت غرابًا، كان يمكنني التجول في كل مكان بحرية وسعادة كبيرة.”
عند سماع هذا الكلام، طار الغراب بعيدًا ولأول مرة شعر بالسعادة لكونه غرابًا. ثم عاد إلى الشيخ وقال له: “لا أريد أن أكون أي طائر آخر، أريد أن أبقى غرابًا.”
إذا نظرنا في الواقع، نجد أن هذه المشكلة شائعة بين الناس. إجراء مثل هذه المقارنات مع الآخرين له أثر سلبي، إذ يجلب الحزن واليأس وكراهية النفس، وكذلك فقدان القدرة على تقدير الأشياء الجميلة التي بحوزتنا. هذا يؤدي بنا إلى الدخول في حلقات غير منتهية من التعاسة. لذلك، يجب أن نتعلم كيف نكون سعداء بما نملك بدلاً من النظر إلى ما لا نملك. سيكون هناك دائمًا أشخاص لديهم أكثر أو أقل مما لدينا، والذي يستمر في مقارنة نفسه بالآخرين لن يكون قادرًا أبدًا على أن يرضى بما عنده. الشخص الراضي بما لديه هو أسعد الأشخاص، والسعادة الحقيقية لا تتحقق إلا بالالتزام بأوامر الله والتقرب إليه والابتعاد عن المحرمات.