دمشق: جوهرة الشرق الأوسط عبر العصور

تعد دمشق، عاصمة الجمهورية العربية السورية، أقدم مدينة في العالم ما تزال مأهولة بالسكان حتى اليوم. يمتد تاريخ دمشق إلى الألف الثانية قبل الميلاد، وظلت منذ ذلك الحين مركزًا حضريًا مزدهرًا. ذكرت المدينة في رسائل تل العمارنة التي تعود إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد باسم “دمشقا”، ويعتقد أن أصل التسمية آرامي بمعنى “الأرض المزهرة” أو “الحديقة الغناء”.

الموقع الجغرافي

تقع دمشق جنوب الجمهورية العربية السورية على الطرف الغربي لحوض دمشق، يحيط بها من الشمال والغرب سلاسل جبال القلمون ولبنان الشرقية، ومن الجنوب والشرق المرتفعات البركانية لحوران والجولان. تعتمد المدينة على نهر بردى كشريان حياة أساسي، إذ لولاه لما استطاعت البقاء في هذا الموقع القاحل المتأثر بتأثيرات بادية الشام.

التاريخ العريق

العصور القديمة

تشير النصوص المصرية والآشورية إلى دمشق كمركز اقتصادي وسياسي معروف في الشرق القديم. كانت دمشق مملكة آرامية قوية قاومت الآشوريين حتى تمكنوا من تدميرها في عام 732 قبل الميلاد. بعد ذلك، وقعت المدينة تحت سيطرة الفرس الأخمينيين ثم الإسكندر المقدوني بعد موقعة إيسوس عام 333 قبل الميلاد، مما جعلها تتصل بالثقافة اليونانية.

العهد الروماني

في العصر الروماني، ضم القائد “بومبي” دمشق إلى الإمبراطورية الرومانية عام 64 قبل الميلاد. أضاف الرومان لدمشق العديد من المميزات الدستورية، فحصلت على لقب “متروبول” ثم “مستعمرة رومانية”. شهدت هذه الفترة بناء سور يحيط بالمدينة وقناة لمياه الشرب من نبع الفيجة.

الفتح الإسلامي

دخل العرب المسلمون دمشق صلحًا عام 14 هـ/635م تحت قيادة أبي عبيدة بن الجراح، وبرزت المدينة في العهد الإسلامي عندما اختارها معاوية بن أبي سفيان عاصمة له عام 36 هـ/656م، مما أدى إلى نموها واتساعها.

العصور الوسطى

شهدت دمشق خلال العصور الوسطى تقلبات عدة، فقد انتقلت بين سيطرة العباسيين والطولونيين والفاطميين والسلاجقة والزنكيين والأيوبيين والمماليك. كانت المدينة مركزًا حضاريًا هامًا في تلك الفترة، حيث شهدت بناء المساجد والمدارس الدينية والأسوار والأبراج.

العصر العثماني

دخل العثمانيون دمشق بعد هزيمة المماليك في معركة مرج دابق عام 1516م. استمر حكمهم حتى الثورة العربية الكبرى عام 1916م. بعد ذلك، خضعت المدينة للانتداب الفرنسي حتى نالت استقلالها بعد الحرب العالمية الثانية.

العمارة والتراث

العمارة الدينية

يعد الجامع الأموي أبرز معالم دمشق، يعود تاريخ الموقع إلى عهد الآراميين حيث كان معبدًا للإله حدد، ثم تحول إلى معبد جوبيتير في العهد الروماني وكنيسة في العهد البيزنطي، وأخيرًا جامعًا إسلاميًا في العهد الأموي. تأثرت عمارة المسجد بطرز مختلفة وأصبح نموذجًا أساسيًا للمساجد الأخرى.

العمارة المدنية

اشتهرت دمشق ببيوتها التقليدية التي تتميز بفناء داخلي مزروع بالنباتات العطرية وأشجار الفاكهة. من أبرز هذه البيوت قصر العظم وبيت السباعي وبيت خالد العظم.

الحرف والصناعات

تشتهر دمشق بحرفها التقليدية مثل صناعة الفسيفساء وصناعة السجاد الدمشقي والنسيج الحريري وصناعة الفولاذ الدمشقي. تعد صناعة السيف الدمشقي من أشهر الصناعات الحرفية في المدينة، حيث يتميز السيف الدمشقي بشفرته المرنة وتمشيحاته الطيفية.

الدور الحضاري

ظلت دمشق على مدار أربعة آلاف عام مركزًا للنشاط السياسي والاقتصادي والفكري والثقافي والفني. تمكنت المدينة من الحفاظ على سماتها الحضارية رغم التغيرات الكثيرة التي مرت بها، ما يجعلها جوهرة نادرة في تاريخ الإنسانية.

دمشق ليست مجرد مدينة تاريخية بل هي رمز للحضارة والثقافة، ولطالما كانت نقطة التقاء الشعوب والثقافات، محافظة على إرثها الغني ومستمرة في أداء دورها الحيوي في المنطقة.

زر الذهاب إلى الأعلى
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وتوفير ميزات الوسائط الاجتماعية وتحليل حركة المرور لدينا. كما نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا في الوسائط الاجتماعية والإعلانات والتحليلات. View more
Cookies settings
موافق
سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط
Privacy & Cookies policy
Cookie nameActive
سياسة الخصوصيةal3raab.com ملتزم بحماية خصوصية زوار هذا الموقع. يمكنك التنقل في معظم هذا الموقع دون تزويدنا بأي معلومات تعريف شخصية. ومع ذلك ، نحتاج في بعض الأحيان إلى معلومات إضافية عنك من أجل تزويدك بالمعلومات أو الخدمات التي ترغب في تلقيها منا. يؤمن العراب.كوم بالشفافي. ونحن نقدم هذا الإشعار حتى تتمكن من فهم ممارسات المعلومات الخاصة بك على الإنترنت. والخيارات التي يمكنك اتخاذها حول طريقة جمع معلوماتك واستخدامها.

المعلومات التي نجمعها

معلومات التعريف الشخصية: هذه هي المعلومات التي تحدد شخصيا شخصًا آخر مثل الأسماء وعناوين البريد الإلكتروني ومعلومات الاتصال الأخرى. هذه هي المعلومات التي تقدمها طواعية ، على سبيل المثال عندما تقوم بالتسجيل في رسالة إخبارية أو إنشاء ملف تعريف مستخدم تطوعي لنشر محتوى في منتدياتنا أو ميزات تفاعلية. نستخدم هذه المعلومات للرد على استفسارات المستخدمين ولتلبية طلبات الحصول على مزيد من المعلومات حول خدماتنا.جمع معلومات المستخدم وتتبعها: قد يقوم موقع al3raab.com تلقائيًا بجمع معلومات معينة حول زيارتك. باستخدام ملفات تعريف الارتباط وبرامج تحليل السجلات وتقنيات التتبع المجمعة الأخرى. إذا كنت ترغب في ذلك ، يمكنك ضبط المتصفح الخاص بك لرفض ملفات تعريف الارتباط. ومع ذلك ، برفض ملفات تعريف الارتباط ، قد لا تتمكن من الوصول إلى صفحات معينة أو استخدام وظائف أو ميزات معينة في هذا الموقع.تعطينا المعلومات التي تم جمعها نظرة ثاقبة حول كيفية استخدام زوارنا لهذا الموقع. هذه البيانات مجهولة المصدر ولا تحتوي على أي معلومات تعريف شخصية. نستخدم هذه المعلومات للتأكد من أن موقعنا على الويب ورسائل البريد الإلكتروني وجهود التسويق تستمر في إشراك مستخدمينا.

كيف نستخدم المعلومات

العراب دوت كوم لا يبيع أو يكشف عن معلومات التعريف الشخصية الخاصة بك لأطراف ثالثة إلا بالقدر الذي يتوافق استخدامه مع هذه السياسة. على وجه التحديد ، قد نستخدم المعلومات التي تقدمها عن نفسك لتلبية طلبات المنتجات أو الخدمات أو المعلومات ، وللرد على استفساراتك. نستخدم معلومات الاتصال الخاصة بك للتواصل معك بشأن التغييرات التي تطرأ على الموقع أو للاتصال بك بشأن حسابك معنا (إن أمكن).نحن نستخدم معلومات مجمعة وغير محددة الهوية حول استخدام موقعنا الإلكتروني لأغراض إدارية وتحليلية ، ولتحسين محتوى الموقع ليناسب جمهورنا بشكل أفضل.إلى الحد الذي يقتضيه القانون. قد نكشف عن معلومات التعريف الشخصية للسلطات الحكومية بموجب أمر استدعاء أو أي إجراء قانوني آخر ، وقد نستخدم أيضًا. معلوماتك أو نكشف عنها على النحو الذي يسمح به القانون. لحماية حقوق أو ممتلكات al3raab.com ، الموقع ومستخدمينا. قد نكشف أيضًا عن هذه المعلومات استجابة لطلب من وكالة إنفاذ القانون ، أو عندما نعتقد أنه من الضروري التحقيق. أو منع أو اتخاذ إجراء بشأن الأنشطة غير القانونية أو الاحتيال المشتبه به. أو المواقف التي تنطوي على تهديدات محتملة للسلامة الجسدية للفرد ، أو خرق لشروط الاستخدام الخاصة بنا ، أو وفقًا لما يقتضيه القانون.على الرغم من أننا نتخذ التدابير المناسبة للحماية من الكشف غير المصرح به للمعلومات. ، لا يمكننا أن نؤكد لك أن المعلومات الشخصية التي تم جمعها لن يتم الكشف عنها أبدًا بطريقة تتعارض مع سياسة الخصوصية هذه.الاحكام والشروط

الحماية

أمن المعلومات مهم لموقع العرب. يتم الحفاظ على الضمانات المادية والإلكترونية والإجرائية القياسية في محاولة لحماية المعلومات الشخصية. لا يمكننا ضمان أمان قاعدة البيانات الخاصة بنا ، ولا يمكننا ضمان عدم اعتراض المعلومات التي تزودنا بها أثناء إرسالها إلينا إلكترونيًا. نطلب منك أن تقوم بدورك من خلال الحفاظ على سرية كلمات المرور ورموز الوصول إلى الإنترنت والموقع الإلكتروني.إذا كانت لديك أي أسئلة أو تعليقات أو مخاوف بشأن سياسة الخصوصية. أو شروط الخدمة الخاصة بنا ، أو إذا كنت ترغب في تصحيح أي معلومات تعريف شخصية ، فيرجى الاتصال بنا.

زورونا في اليوتيوب و مكتبتنا في Telegram

Save settings
Cookies settings